ظهور بقعة حمراء أو أرجوانية صغيرة على الجلد قد يبدو أمرًا بسيطًا، لكنه قد يشير إلى حالة طبية مثل الورم الوعائي الدموي (Hemangioma). إذا تم تشخيصك به، أو كان لديك تاريخ عائلي مع أمراض القلب والأوعية الدموية، فمن الطبيعي أن تشعر بالقلق – خاصةً عندما يتعلق الأمر بتشوّهات مرئية أو مشاكل في الأوعية الدموية.
لكن لا داعي للذعر. بفضل التقدم الطبي الكبير، أصبح بالإمكان اليوم علاج الأورام الوعائية بشكل دقيق وآمن، باستخدام تقنيات متطورة وخطط علاج مخصصة لكل حالة.
في تركيا، يختار العديد من المرضى العلاج على يد أطباء متخصصين يستخدمون أحدث الوسائل التكنولوجية. سواء كان الورم الوعائي سطحيًا أو مرتبطًا بحالة وعائية أكثر تعقيدًا، ستجد رعاية دقيقة تستهدف المشكلة من جذورها، وتراعي الجوانب الجمالية والصحية في آنٍ واحد.
ما هو الورم الوعائي الدموي؟ إليك ما تحتاج معرفته
الورم الوعائي الدموي (Hemangioma) هو ورم حميد ناتج عن نمو غير طبيعي للأوعية الدموية، خاصة الشعيرات الدموية الصغيرة. قد يظهر على سطح الجلد أو في أعماق الأنسجة، وأحيانًا داخل الأعضاء الحيوية.
أنواع الأورام الوعائية الدموية:
- الورم الوعائي الطفولي: يُعد الشكل الأكثر شيوعًا لدى الرضّع. يظهر عادة خلال أيام أو أسابيع بعد الولادة، وينمو بسرعة في البداية، لكنه غالبًا ما يتراجع بشكل طبيعي قبل سن العاشرة.
- الورم الوعائي الشعيري (السطحي): يظهر كلطخة حمراء زاهية تشبه "ثمرة الفراولة"، ويكون على سطح الجلد. لا يسبب ألمًا وعادةً ما يُراقب دون تدخل.
- الورم الوعائي الكهفي (العميق): ينمو في الأنسجة العميقة، بلون مزرق أو أرجواني، وقد يكبر ليُسبب ألمًا أو ضغطًا على الأنسجة المجاورة.
- الورم الوعائي الداخلي: يتكون في أعضاء مثل الكبد، الدماغ، الكلى أو الطحال، وغالبًا ما يُكتشف بالصدفة أثناء إجراء فحوص تصويرية (أشعة، رنين مغناطيسي، إلخ). ويحتاج إلى مراقبة دورية لتقييم حجمه وتأثيره المحتمل.
أين تظهر الأورام الوعائية في أغلب الأحيان؟
يمكن أن تظهر الأورام الوعائية في مناطق مختلفة من الجسم، إلا أن هناك بعض المواضع التي تُعد أكثر شيوعًا للإصابة. فعلى الوجه، غالبًا ما تتوضع هذه الأورام على الأنف أو الجفون أو الشفاه، مما قد يشكّل تحديًا من الناحية الجمالية، خاصةً لدى الأطفال الصغار.
كما يمكن أن تنمو على الرقبة أو الظهر أو الذراعين أو الساقين. وفي هذه الحالات، ورغم أن الورم قد يكون واضحًا للعين وأحيانًا كبير الحجم، فإنه غالبًا ما يكون حميدًا ولا يسبب مضاعفات خطيرة.
وأخيراً، قد تتكوّن بعض الأورام الوعائية داخل الجسم، في أعضاء داخلية مثل الكبد – حيث تعتبر الأكثر شيوعًا – أو بشكل أقل شيوعًا في الكليتين أو الدماغ. وعادةً لا يتم اكتشاف هذه الأشكال الداخلية إلا عن طريق الصدفة خلال إجراء تصوير طبي لسبب آخر. وبحسب حجمها وموقعها، قد تستدعي مراقبة طبية منتظمة أو علاجًا خاصًا.
متى يجب القلق من وجود ورم وعائي؟
في أغلب الحالات، تكون الأورام الوعائية حميدة وتزول تلقائيًا، خاصةً لدى الأطفال. ومع ذلك، هناك بعض الحالات التي تستدعي انتباهًا ومتابعة طبية خاصة.
يُعد التغيّر المفاجئ في مظهر الورم، مثل النمو السريع، أو تغيّر اللون أو النسيج، علامة قد تدل على تطور غير طبيعي. كما قد يظهر خطر النزيف إذا كان الورم موجودًا في منطقة معرّضة للاحتكاك أو الصدمات، مثل الشفاه أو الأطراف.
كذلك، فإن الشعور بألم مستمر أو ظهور أعراض مصاحبة (كالحمّى أو الالتهاب) ينبغي أن يدق ناقوس الخطر، إذ قد تشير إلى وجود عدوى أو مضاعفة موضعية.
ولا يجب إغفال الانزعاج الجمالي أو الوظيفي، خاصةً إذا كان الورم يؤثر على الرؤية أو التنفس أو الأكل، أو يسبب اضطرابًا نفسيًا واضحًا لدى المصاب.
وفي حالات نادرة، قد يكون الورم الوعائي مرتبطًا بتشوهات وعائية أخرى أو بمتلازمات معقّدة. ولهذا، يُنصح بالحصول على تقييم من طبيب مختص إذا بدت الإصابة غير نمطية أو كانت مصحوبة بعلامات سريرية أخرى.
يساعد المتابعة الطبية الدقيقة على تحديد التشخيص بدقة واقتراح خطة علاج مناسبة إذا لزم الأمر.
ما العلاقة بين الأورام الوعائية والأمراض القلبية الوعائية؟
مع أنّ معظم الأورام الوعائية تكون حميدة ومعزولة، إلا أن بعضها قد يكون مؤشرًا على وجود اضطرابات قلبية وعائية كامنة، أو يدخل ضمن إطار مرضي أكثر تعقيدًا. ولهذا، قد تكون المقاربة متعددة التخصصات ضرورية في بعض الحالات.
عندما يظهر لدى المريض عدد كبير من الأورام الوعائية موزعة على أنحاء مختلفة من الجسم، فقد يشير ذلك إلى وجود خلل وعائي عام أو متلازمة كامنة، تستدعي إجراء فحوص معمّقة. ثم أن وجود الأورام الوعائية في مناطق حساسة مثل الدماغ أو الكبد يتطلب عناية خاصة، نظرًا لاحتمال ارتباطها بتأثيرات هيموديناميكية أو أمراض قلبية كامنة.
بعض المتلازمات النادرة، مثل متلازمة كاساباخ-ميريت (Kasabach-Merritt)، قد ترتبط بورم وعائي كبير الحجم يرافقه اضطراب شديد في تخثر الدم. في هذه الحالة، لا يكون الورم الوعائي مجرد آفة حميدة، بل يمثل عاملًا خطيراً قد يؤثر على الجسم بأكمله.
وفي بعض الأحيان، قد يتم الخلط بين الأورام الوعائية والتشوهات الشريانية الوريدية (MAV)، وهي تشوهات وعائية معقّدة ناتجة عن اتصال غير طبيعي بين الشرايين والأوردة، ما يزيد من خطر حدوث مضاعفات قلبية وعائية.
في مثل هذه الحالات، يكون المتابعة القلبية أو الوعائية المتخصصة أمرًا ضروريًا للوقاية من المضاعفات الخطيرة، وتوجيه خطة العلاج بالشكل الأمثل.
ما هي خيارات العلاج المتاحة؟
بما أن كل حالة تختلف عن الأخرى، فإن اختيار العلاج يعتمد على نوع الورم الوعائي (الهيمانجيوما)، موقعه، تطوره، بالإضافة إلى تطلعات المريض سواء من الناحية الجمالية أو الوظيفية.
العلاجات غير الجراحية
غالبًا ما تكون العلاجات غير الجراحية الخيار الأول، خاصةً عند الرضّع:
- حاصرات بيتا الفموية مثل البروبرانولول، تُستخدم بشكل واسع حاليًا، وتُعد فعالة جدًا في تقليص حجم الأورام الوعائية لدى الأطفال.
- العلاج بالكورتيزون: يمكن اللجوء إليه في بعض الحالات، لا سيما عندما يكون الورم عميقًا أو لا يستجيب للعلاج الأولي.
- الليزر الوعائي (مثل ليزر PDL أو Nd:YAG): يُستخدم في الحالات السطحية، خصوصًا على الوجه، حيث يعمل على استهداف الأوعية المتوسعة وتحسين مظهر الجلد.
التدخلات الجراحية
يُقترح العلاج الجراحي عندما يكون الورم الوعائي مصحوبًا بأعراض، سهل الوصول إليه، ولا يستجيب للعلاجات الطبية. ويتمثل ذلك في الاستئصال الجراحي لإزالة الآفة بالكامل.
في بعض الحالات المعقدة، خصوصًا عند وجود تشوهات وعائية، يمكن اللجوء إلى الانصمام الوعائي، وهي تقنية تهدف إلى غلق الأوعية غير الطبيعية وتقليص حجم الورم.
المتابعة المنتظمة
تُعد المتابعة الطبية المنتظمة أمرًا ضروريًا، وتعتمد على وسائل التصوير الطبي مثل الرنين المغناطيسي (MRI) أو الأشعة دوبلر لمراقبة تطور الحالة الوعائية.
غالبًا ما تتطلب الحالة رعاية متعددة التخصصات تشمل أطباء الجلد، جراحي الأوعية، وأطباء القلب لضمان علاج متكامل ومراقبة دقيقة.